مؤتمر صندوق النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يتطلب إجراء إصلاحات جذرية في نظم التعليم

أكد خبراء اقتصاديون خلال مؤتمر صندوق النقد الدولي الأول للبحوث الاقتصادية حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، المنعقد في القاهرة، على أن تأثيرات الذكاء الاصطناعي لن تقتصر على فرص العمل فقط، بل ستطال أيضا البنية التعليمية والاجتماعية في المنطقة، ودعوا إلى ضرورة إجراء إصلاحات جذرية في نظم التعليم، وتحديث سياسات الحماية الاجتماعية، لمواكبة التغيرات القادمة وضمان حماية الفئات الأكثر تأثرا في مجتمعات تزداد فيها الفجوات الرقمية والاقتصادية.
وشدد تيتو بويري، أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد في جامعة بوكوني بإيطاليا، على أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تحمل آثارا عميقة على أسواق العمل، خصوصا في الدول العربية ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وأوضح أن التحولات التكنولوجية المتسارعة تفرض ضرورة ملحة لإجراء إصلاحات جذرية في نظم التعليم، إلى جانب تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر عرضة للتأثر.
وأشار بويري إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي لا يتوزع بالتساوي بين المناطق، إذ تعد الدول العربية أقل عرضة للتأثيرات المباشرة نظرا لطبيعة الوظائف السائدة فيها، والتي يغلب عليها الطابع الروتيني، ورغم أن هذه الوظائف أقل قابلية للاستبدال بالتكنولوجيا، إلا أنها في المقابل لا تجني الكثير من مكاسب الإنتاجية المرتبطة بتطورات الذكاء الاصطناعي، مما يطرح تحديات مستقبلية تتعلق بكيفية إعادة توزيع الوظائف في مختلف القطاعات.
وأشار إلى فرص تزايد معدلات البطالة نتيجة انتقال العمال إلى بيئة اقتصادية جديدة تحكمها التكنولوجيا، مؤكدا على ضرورة تطوير شبكات الأمان الاجتماعي لحماية العمال المتضررين، لاسيما في الدول التي تنتشر فيها الاقتصادات غير الرسمية، حيث يفتقر كثير من العاملين إلى أي نوع من الحماية أو الضمانات خلال فترات التحول.
وأضاف أن نمو القطاع غير الرسمي يمثل تحديا كبيرا أمام واضعي السياسات، حيث يعقد عملية قياس مستويات التوظيف ويصعب من جهود حماية العاملين، موضحا أن العاملين في هذا القطاع يفتقرون إلى المزايا الأساسية، مثل التأمينات الاجتماعية والرعاية الصحية، مما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر الاقتصادية.
وشدد بويري على أن الاستثمار في التعليم يعد من أهم ركائز الاستجابة لهذه التحديات، موضحا أن جودة التعليم في العديد من الدول لا تزال بحاجة إلى تحسين كبير، وأشار إلى أن تطوير المنظومة التعليمية سيسهم في إعداد القوى العاملة لمتطلبات الاقتصاد المعتمد على التكنولوجيا.
كما تطرق إلى أن الهجرة المؤقتة للعمالة الماهرة قد تمثل فرصة للدول المصدرة للعمالة، من خلال تحسين رأس المال البشري وتعزيز فرص النمو الاقتصادي.
وأكد بويري أن مستقبل أسواق العمل في المنطقة العربية يعتمد بشكل كبير على تنفيذ إصلاحات شاملة في التعليم وشبكات الأمان الاجتماعي، بما يضمن حماية الفئات الهشة، وتشجيع التحول إلى العمل الرسمي، وتعزيز الاستثمار في تنمية رأس المال البشري.