الذهب يحطم الأرقام القياسية ويتخطى الـ 6000 جنيه في سوق الصاغة لأول مرة في التاريخ

شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعًا قياسيًا خلال تعاملات اليوم الاثنين، مدفوعة بتزايد الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، وتصاعد رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة من قِبَل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 40 جنيهًا مع بداية تعاملات اليوم، ليسجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 5260 جنيهًا.
في حين صعدت الأوقية عالميًا بنحو 54 دولارًا لتسجّل 3940 دولارًا، بعد أن لامست مستوى 3950 دولارًا كأعلى سعر في تاريخها.
وأضاف إمبابي أن الجرام عيار 24 سجل نحو 6011 جنيهًا، بينما بلغ عيار 18 حوالي 4509 جنيهات، وعيار 14 نحو 3507 جنيهات، فيما استقر سعر الجنيه الذهب عند 42080 جنيهًا.
وخلال الأسبوع الماضي، حقق المعدن الأصفر مكاسب أسبوعية بلغت 145 جنيهًا، إذ افتتح عيار 21 تعاملات الأسبوع عند 5075 جنيهًا، وأنهاها عند 5220 جنيهًا.
بينما قفزت الأوقية عالميًا بمقدار 126 دولارًا، من 3760 إلى 3886 دولارًا، وهو ما يعكس استمرار الزخم الصعودي القوي للمعدن النفيس.
الإغلاق الحكومي الأمريكي وتأثيره على الأسواق
يأتي الارتفاع الحالي في أسعار الذهب وسط استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة، بعد تعثّر المفاوضات بين البيت الأبيض والكونجرس بشأن إنهاء الإغلاق الحكومي الجزئي. وقد حذّرت الإدارة الأمريكية من احتمالية تسريح جماعي للموظفين الفيدراليين في حال استمرار الجمود السياسي، مما زاد من مخاوف الأسواق ودفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
وأوضح إمبابي أن استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي يعزّز الطلب على الذهب كملاذ آمن، في ظل تنامي المخاوف من تداعياته الاقتصادية الواسعة على القطاعات الإنتاجية والمالية الأمريكية.
العوامل الداعمة لصعود أسعار الذهب
ارتفعت أسعار الذهب عالميًا بنحو 50% منذ بداية العام الجاري، بدعم من عدة عوامل رئيسية، أبرزها عمليات الشراء المكثّفة من البنوك المركزية حول العالم، وتزايد الإقبال على صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) المدعومة بالذهب، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي، واهتمام المستثمرين الأفراد بالتحوّط من التوترات الجيوسياسية والتجارية.
ويشير المحللون إلى أن الصعود الحالي للذهب يقوده مستثمرون مؤسسيون وبنوك مركزية تسعى إلى تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار، مما يقلّل من احتمالات حدوث تصحيحات حادة أو مفاجئة في الأسعار، ويجعل أي تراجع طفيف فرصة للشراء بالنسبة للمستثمرين الاستراتيجيين.
توقعات خفض الفائدة الأمريكية
تُسعّر الأسواق احتمالات بنسبة 95% لقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر المقبل، كما تُظهر احتمالًا بنسبة 83% لخفض مماثل في ديسمبر، وهو ما يدعم بقوة الاتجاه الصعودي للذهب خلال الأشهر المقبلة.
وفي مذكرة بحثية حديثة، أشار بنك UBS إلى أن «العوامل الأساسية لا تزال في صالح الذهب»، متوقعًا أن تتجاوز أسعار الأوقية حاجز 4200 دولار بنهاية العام الجاري، مدفوعة بعمليات الشراء المؤسسية والتوقعات المتزايدة بتيسير السياسة النقدية الأمريكية.
أداء الملاذات الآمنة الأخرى
لم يكن الذهب وحده المستفيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي؛ إذ ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 1.5% لتسجّل 49 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من 14 عامًا، بينما صعد البلاتين بنسبة 0.5% إلى 1614 دولارًا، والبلاديوم بنسبة 0.7% إلى 1269 دولارًا، ما يعكس توجّه المستثمرين نحو الأصول الملموسة التي تحتفظ بقيمتها في أوقات التقلبات.
تصاعد التوترات الجيوسياسية عالميًا
على الصعيد الدولي، ازدادت حدة التوترات الجيوسياسية بعد تنفيذ هجوم روسي واسع على أوكرانيا تضمن أكثر من 50 صاروخًا و500 طائرة مسيّرة، مما أثار مخاوف جديدة بشأن تصاعد الصراع.
وفي الوقت نفسه، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرفي النزاع في غزة إلى التوصل إلى اتفاق سلام عاجل، محذرًا من خطورة تصاعد العنف في المنطقة، وهو ما زاد من الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط هذه التطورات المتسارعة.
النظرة المستقبلية لأسعار الذهب
يواصل الذهب تسجيل مستويات قياسية تاريخية وسط تفاؤل واسع في الأسواق بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتجه نحو مزيد من التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة، في ظل الضغوط الناتجة عن الإغلاق الحكومي وتأجيل نشر البيانات الاقتصادية المهمة.
ويرى الخبراء والمحللون أن مسار الذهب لا يزال صعوديًا على المدى المتوسط والطويل، مدعومًا بالعوامل الأساسية القوية مثل الطلب المستمر من البنوك المركزية، ورغبة المستثمرين في التحوّط من التضخم والتقلبات السياسية، والزخم الإيجابي في الأسواق العالمية.
ويُرجّح المحللون أن يظل الذهب هو الخيار المفضل للمستثمرين الباحثين عن الأمان في ظل حالة الضبابية الاقتصادية العالمية، مع استمرار العوامل الداعمة لصعوده حتى نهاية العام الجاري.