عمرو البهي يكتب: كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مستقبل الخدمات المصرفية؟
بينما تنتقل تقنيات الذكاء الاصطناعي من الهامش إلى صميم المشهد المصرفي، فإنها تعيد تشكيل طريقة عمل البنوك – من خلال إحداث تحوّل شامل في العمليات الداخلية وكل تفاعل مع العميل. لم يعد الذكاء الاصطناعي مفهوماً مستقبلياً، بل أصبح محركاً عملياً لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً، وتقديم خدمات أكثر سلاسة، وتجارب أكثر تخصيصًا. ووفقاً للتقديرات، من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع أرباح القطاع المصرفي العالمي بنسبة 9% بحلول عام 2028 – أي ما يعادل 170 مليار دولار إضافية، لتصل الأرباح من 1.8 تريليون دولار إلى ما يقارب 2 تريليون دولار.
ومن خلال تسخير قوة التحليلات المعتمدة على البيانات، تستطيع المؤسسات المالية اليوم فهم سلوكيات العملاء وتفضيلاتهم وأهدافهم المالية لحظياً. بدءاً من خطط الادخار المصممة خصيصًا، واستراتيجيات الاستثمار المخصصة، وصولاً إلى أدوات الموازنة الذكية التي تتطور مع رحلة العميل، يوفر الذكاء الاصطناعي تجارب فريدة تتماشى مع احتياجات كل فرد. كما أصبحت المساعدات الافتراضية الذكية وروبوتات المحادثة أدوات لا غنى عنها، تقدم دعماً فورياً وعلى مدار الساعة – بدءاً من الاستفسارات الروتينية وحتى الإرشاد المالي المتقدم.
لكن القيمة الحقيقية للذكاء الاصطناعي تتجاوز بكثير تحسين الكفاءة التشغيلية – إذ تكمن في قدرته على دعم المجتمعات وتعزيز الشمول المالي بشكل فعّال. ففي مصر، حيث لا يزال شريحة من السكان تفتقر إلى الوصول الكافي للخدمات المالية، تفتح أدوات الذكاء الاصطناعي آفاقاً جديدة لسد هذه الفجوات من خلال تقديم استشارات مالية مصممة وفقاً للاحتياجات الفردية، وتبسيط إجراءات فتح الحسابات، وتعزيز الشمول الرقمي على نطاق واسع. وبنفس القدر من الأهمية، فإن المنصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تساهم في نشر الثقافة المالية من خلال تجارب تعليمية وتفاعلية قائمة على أساليب اللعب (Gamification)– مما يساعد الأفراد على اكتساب المعرفة المالية بطريقة مبسطة ومحفزة.
ومع ترسّخ الذكاء الاصطناعي كقوة محورية في مستقبل العمل المصرفي، فإن دمجه الناجح يتطلب قيادة واعية ومسؤولة لما يفرضه من التزامات جديدة. فمسائل مثل خصوصية البيانات، ومصداقية الخوارزميات، لم تعد قضايا هامشية، بل أصبحت في صميم بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تُصمم لخدمة الإنسان أولاً. وهنا يأتي دور القيادة الحقيقية. إن تمكين الموظفين عبر تطوير مهاراتهم الرقمية، وغرس ثقافة الثقة في الأدوات الحديثة، سيُحدد مدى فاعلية هذه التقنيات. ومع استمرار تطور الأطر التنظيمية، تصبح المرونة ضرورة ملحة – حيث ينبغي على البنوك أن تواكب التشريعات بل وتسبقها بخطوة، لضمان توافق الابتكار مع الحوكمة الرشيدة.
ويسعى بنك المشرق مصر إلى توظيف قدرات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب مصرفية فورية، قائمة على البيانات، وآمنة، ومُفصّلة بما يتماشى مع احتياجات كل عميل. ويبرز المساعد الافتراضي للمشرق كأحد أبرز الابتكارات في هذا المجال – أداة ذكية تعمل على مدار الساعة، تتعلّم ذاتيًا باستمرار، وتقدّم دعماً متكاملاً يغطي كل ما يحتاجه العميل، من الاستفسارات المتعلقة بالحسابات إلى إدارة المعاملات اليومية.
للبنوك التي تسعى للريادة، لن يتحقق النجاح إلا لمن يُدمج الذكاء الاصطناعي كعنصر محوري في استراتيجية تركز على احتياجات العميل، لا كمجرد تقنية منفصلة. وفي هذا الإطار، يعمل المشرق مصر على دمج الذكاء الاصطناعي في صميم استراتيجيته، ليكون من بين الجهات التي تعيد رسم ملامح مستقبل مصرفي أكثر ذكاءً، وشمولاً، ومرونة .
رابط مختصر:
جاري التحميل ...
