يوروموني: جهود البنك المركزي المصري لتحقيق الشمول المالي تؤتي ثمارها

أشادت مؤسسة يوروموني المالية العالمية، بالبنك المركزي المصري، وخطواته الجادة نحو الشمول المالي.
وقالت المؤسسة إنه من السهل الترويج للشمول المالي، لكن من الصعب إحراز تقدم فيه، مؤكدة أن ما حققته مصر خلال السنوات القليلة الماضية أمرٌ رائع.
ومع اقتراب استراتيجية البنك المركزي المصري للشمول المالي 2022-2025 من نهايتها، تُظهر الإحصاءات الرسمية أن معدل الشمول المالي – الذي يُعرّفه البنك المركزي بنسبة البالغين الذين يمتلكون منتجًا أو خدمةً واحدةً على الأقل ويستخدمونها بنشاط – قد بلغ 75% بنهاية عام 2024.
ويقول كونستانتينوس كيبروس، نائب الرئيس الأول في وكالة موديز للتصنيف الائتماني: “إن التقدم الذي أحرزته مصر في مجال الشمول المالي مثير للإعجاب”، مشيراً إلى أن رقم الشمول المالي لم يتجاوز 27% في عام 2016.
لعبت البرامج الوطنية دورًا محوريًا في تعزيز الشمول. انطلقت مبادرة “حياة كريمة” عام ٢٠١٩، وتشمل تقديم قروض متناهية الصغر للأفراد والجمعيات في المناطق الريفية. وبينما تُعدّ القاهرة والإسكندرية مركزين حضريين رئيسيين، لا يزال أكثر من ٥٠٪ من سكان مصر يقيمون في المناطق الريفية.
في القطاع المصرفي، يُشير كيبريوس إلى تبسيط إجراءات “اعرف عميلك”، واستخدام الخدمات المصرفية بالوكالة، وتحسين أنظمة الدفع والشبكات الرقمية للبنك المركزي المصري، باعتبارها عوامل أساسية في تعميق الشمول المالي. وعلى وجه الخصوص، كان دمج الخدمات المصرفية بالوكالة مع منصات الحسابات الرقمية عاملاً أساسياً في توسيع نطاق الوصول إلى الفئات التي لا تحظى بالخدمات المصرفية الكافية. كما طرحت البنوك المصرية مجموعة من الأدوات المتطورة التي ساعدت في الوصول إلى عملاء جدد.
يقول إسلام زكري، رئيس الشؤون المالية والعمليات في البنك التجاري الدولي (CIB): “ساهمت التطورات، مثل منصات فتح الحسابات الرقمية، وعمليات التسجيل الآلي، وأتمتة العمليات الروبوتية، والذكاء الاصطناعي، في تبسيط عملية استقطاب العملاء وتحسين مستوى تقديم الخدمات”. ويضيف: “لقد قللت هذه الابتكارات من الاعتماد على الفروع التقليدية، وخفضت التكاليف التشغيلية، ووسعت نطاق الخدمات المصرفية لتشمل المناطق النائية والمحرومة”.
لعبت شركات التكنولوجيا المالية دورًا محوريًا في توسيع نطاق الشمول المالي. وتُعدّ شركة فوري، الرائدة في حلول الدفع، وباي موب، المزود متعدد القنوات للبنية التحتية للدفع، وشركة إم إن تي حالاً، المُقرضة للمستهلكين، مثالًا على عشرات الشركات التي تُحدث نقلة نوعية في القطاع المالي المصري من خلال تذليل حواجز الوصول التقليدية.
مع ذلك، لا تزال هناك تحديات. فقد أدخل الابتكار الرقمي السريع منصات متنوعة وشركاء جدد إلى النظام المالي. ورغم سعي الجهات التنظيمية إلى توحيد المعايير عبر هذه المنصات، إلا أن عدم وجود لوائح رقمية نهائية بشأن “اعرف عميلك” لا يزال يشكل عائقًا كبيرًا.
يقول كيبروس إن الخدمات المالية المُقدمة تُركز بشكل أكبر على حلول المعاملات والدفع والادخار/الإيداع. إضافةً إلى ذلك، لا يزال الوصول إلى القروض المصرفية لبعض فئات المجتمع بحاجة إلى مزيد من التحسين. بلغ معدل الشمول المالي للإناث بنهاية عام ٢٠٢٤ ما يقارب ٦٩٪، وفقًا لتقديرات البنك المركزي المصري، وهو أقل من معدل البالغين ككل، ولكنه أعلى من معدل ٥٠٪ فقط في عام ٢٠٢١. وارتفع معدل الشباب – الذين يُعرّفهم البنك المركزي المصري بأنهم من تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٣٥ عامًا – إلى ٥٣٪ بنهاية عام ٢٠٢٤، بعد أن كان ٣٦٪ في عام ٢٠٢٠. ويضيف زكري: “إن مواصلة العمل أمرٌ محوري لتلبية احتياجات الفئات المهمشة، بما في ذلك النساء والشباب”.
لطالما كانت الشراكات بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية ومشغلي شبكات الهاتف المحمول، وستظل كذلك، بالغة الأهمية في إيجاد حلول مبتكرة لسد فجوات الشمول المالي. يدرس بنك CIB حاليًا الدخول في شراكة مع تطبيق Youth لخصومات الطلاب. يقول زكري: “يدمج تطبيق Youth أدوات الألعاب والثقافة المالية، مما يخلق بيئة مالية تفاعلية وتعليمية”. ويضيف: “من خلال الجمع بين الخدمات المصرفية والتعلم والترفيه، يضمن بنك CIB للشباب تطوير عادات مالية أساسية مع الاستمتاع بتجربة رقمية مصممة خصيصًا لهم”.
يُبرز الانتشار الواسع للأجهزة المحمولة الأهمية المتزايدة لمحو الأمية الرقمية والبنية التحتية المرنة. ومع ذلك، لا تزال العديد من المجتمعات الريفية والمحرومة تفتقر إلى اتصال موثوق بالإنترنت والمهارات اللازمة للمشاركة الكاملة في الاقتصاد الرقمي. ويتطلب سد هذه الفجوة استثمارًا منسقًا في التعليم العام وتطوير البنية التحتية.
لا يزال إقراض الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة (MSMEs) يُمثل تحديًا مستمرًا. تُقدّر مؤسسة التمويل الدولية أن هذه الشركات تُشكّل 98% من الشركات المصرية، وتُمثّل أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. من الواضح أن هذا القطاع حيويٌّ في الاقتصاد، ولكنه لا يزال يُعاني من صعوبة الحصول على التمويل. يُشير تقرير ستاندرد آند بورز العالمي لعام 2025 حول الشمول المالي في الأسواق الناشئة إلى أن “جهود مصر لزيادة نفوذ القطاع الخاص وريادة الأعمال قد تعثرت”.
في عام ٢٠١٦، أصدر البنك المركزي تعليماتٍ للمقرضين برفع حصة قروض المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في محافظهم الاستثمارية إلى ٢٥٪. وعامًا بعد عام، فشل القطاع المصرفي في تحقيق هذا الهدف. وكما أشارت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال، فإن آخر تمديدٍ للموعد النهائي لهدف الـ ٢٥٪ كان في ديسمبر ٢٠٢٤. وتُقدّر وكالة التصنيف الائتماني أن قروض المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لا تتجاوز ٧٪ إلى ٨٪ من إجمالي قروض البنوك، وتتوقع أن يظل النمو في هذا الرقم “بطيئًا”.
على الرغم من أهمية هذه النواقص، إلا أنها تُمثل فرصًا للبنوك لتنويع مخاطر الائتمان ودعم مشاركة اقتصادية أوسع. ووفقًا لتقرير ستاندرد آند بورز العالمي، فإن الشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية وتطوير منتجات رقمية جديدة لتعزيز إقراض الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تُتيح للبنوك سبيلًا “لتنويع محافظ القروض التي تتركز حاليًا في الشركات الكبرى المترابطة، والشركات العامة، والشركات الخاصة العاملة في القطاع العام”. وبالمثل، لا تزال نسبة الائتمان للأسر من الناتج المحلي الإجمالي أقل بكثير من نظيراتها في المنطقة مثل المغرب والأردن، مما يُشير إلى طلب غير مُستغل وإمكانات نمو غير مُستغلة. ومن شأن إثارة هذه المسألة أن تُعزز القطاع المصرفي والنمو الاقتصادي الأوسع.