الجنيه المصري يواصل التعافي ويرتفع إلى أعلى مستوى في 12 شهراً أمام الدولار الأمريكي

ارتفع الجنيه المصري، اليوم الأربعاء، إلى أعلى مستوى أمام الدولار الأمريكي منذ نحو 12 شهراً، مدعوماً بزيادة تدفقات النقد الأجنبي مع انطلاق موسم السياحة والعطلات الصيفية، وتخفيف القيود على الحصول على العملة الصعبة للمسافرين، إلى جانب صعود عملات الأسواق الناشئة بعد بيانات التضخم الأمريكية.
وبحسب بيانات البنك الأهلي المصري، ارتفع الجنيه 10 قروش ليسجّل 48.30 جنيه للدولار للشراء و48.40 جنيه للبيع بنهاية تعاملات اليوم، مقارنة بأدنى مستوى تاريخي عند 51.73 جنيه في أبريل الماضي.
أسباب ارتفاع الجنيه المصري أمام الدولار
قال محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في قطاع البحوث لدى “إي إف جي القابضة”، إن الصعود جاء بدعم “التدفقات القوية من المستثمرين الأجانب في أدوات الدين المصرية، إلى جانب بيع الشركات والأفراد للدولار مع تراجعه أمام الجنيه وباقي العملات نتيجة القرارات الجمركية”.
وارتفعت احتياطيات النقد الأجنبي لمصر إلى 49 مليار دولار بنهاية يوليو، مدعومة بنمو إيرادات السياحة 22% في النصف الأول من العام إلى 8 مليارات دولار، وزيادة عدد السائحين 25% إلى 8.7 مليون. وتستهدف الحكومة استقبال 18 مليون سائح بنهاية العام، ما قد يرفع الإيرادات عن التقديرات السابقة.
وقرر البنك المركزي إلغاء شرط تقديم بيانات السفر عند استخدام بطاقات الائتمان في الخارج، وخفّضت بنوك كبرى، منها البنك الأهلي المصري والتجاري الدولي وبنك مصر، رسوم المعاملات بالعملات الأجنبية إلى 3% من 5%، ورفعت حدود الشراء في الخارج إلى 10 آلاف دولار، وهو الحد الأقصى المسموح به قانونياً.
رسالة طمأنة للسوق المحلية وللخارج
ووفقاً لأيمن ياسين، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيزنس كوميونتي، ورئيس مجموعة الاستثمار في البنك الأهلي المصري سابقا، فإن رفع البنوك لقيود تدبير العملة للعملاء الأفراد بغرض السفر وعلى بطاقات الائتمان يهدف إلى توجيه رسالتين الأولى هي التأكيد على وفرة موارد النقد الأجنبي ولا يوجد ما يستدعى فرض قيود على هذه التعاملات الصغيرة، بحسب تصريحات لموقع “الشرق بلومبرج”.
وأوضح ياسين أن الرسالة الثانية خارجية على المستوى الاقتصادي والاستثماري تؤكد خروج مصر من أزمة النقد الأجنبي، لطمأنة المستثمرين بعدم وجود أزمة نقد أجنبي بعد رفع القيود على العملة.
ويرى محمد عبد العال، الخبير المصرفي، أن هذه الإجراءات أعطت راحة نفسية للسوق وثقة في قدرة القطاع المصرفي على تدبير النقد الأجنبي واستبعاد لشبح وجود أزمة نقد أجنبي ومرونة تداول العملة في الإنتربنك.
وأشار عبد العال إلى أن الهدف الآخر من رفع القيود على تدبير الدولار للأفراد هو طمأنة التجار إلى عدم وجود أزمة تمويل للاستيراد بما ينعكس على تراجع الأسعار في السوق.
عوامل خارجية داعمة
تحرك الجنيه المصري أيضاً في مسار صعودي مع تحسّن شهية المخاطرة في الأسواق الناشئة، بعد أن جاءت بيانات التضخم الأميركية لشهر يوليو متماشية مع التوقعات، ما عزز الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ خفض الفائدة في اجتماعه الشهر المقبل.
هذا الاتجاه شجع المستثمرين على زيادة تعرضهم لأصول الأسواق الناشئة، لترتفع معظم عملاتها أمام الدولار، بقيادة البيزو التشيلي والراند الجنوب أفريقي، فيما يسعّر المتعاملون احتمالاً يقارب 90% لخفض الفائدة الأمريكية بواقع 25 نقطة أساس في سبتمبر، مقارنة بنحو 80% مطلع الأسبوع.
ويتوقع محمد أبو باشا أن يبلغ متوسط سعر صرف الجنيه في مصر نحو 48 جنيهاً للدولار خلال 2025، ما يشير إلى إمكانية استمرار ارتفاعه بدعم تدفقات الاستثمار الأجنبي وتحسن المؤشرات الاقتصادية.